لكن على أيّةِ حال لم يكن الحلم يكلّفني شيئًا.

صورة
 إلى هنا ونكتفي.. من المحاولة، من التذكر، من الانتباه، من القلق، من الانتظار، من الركض، من الأمل واليأس، من كل شيء. يكفي هذا القدر من اللاجدوى. لم أعد أحتمل الشعور بالعمر وهو يتسرب من بين يدي دون أن أفعل شيء، دون أن أقول كفى. آن للقلب أن يهدأ. آن للحياة أن تبدأ. آن للذكرى أن تزول. وآن لشمس الغد أن تشرق. لا ندم على ما فعلتُه ولا ندم على ما لم أفعله، لم أعد أتمنى عودة شيء، ولم أعد أنتظر قدوم شيء، ليس لدي وقت للتوقع والالتفات، أُحاول فقط أن لا أفسد ما بين يديّ. حتى وإن كان الذي بين يديّ قليلًا، هذا القليل يكفيني، يكفي أنه حقيقي لا زيف فيه ولا ريب يخالطه. يكفيني القليل من الأصدقاء والأحبة، القليل من المعارف، القليل من المسرات، القليل من الأمل، القليل من المعرفة، القليل من الأحلام. تكفيني حياة صغيرة أحياها، بدلًا من حياة كبيرة أحلم بها. وهذا لا يعني أنني يئست أو استسلمت. مازلتُ أحلم، وأريد، وأرغب، لكن ليس على حساب طمأنينة قلبي. مازلتُ أحلم لأن في الحلم أمل يبقينا على قيد الحياة، ولكنني اكتفيت لأن في الاكتفاء طمأنينة تجعلنا نحيا. اكتفينا من خيبات الأصدقاء، اكتفينا من خذلان الأحبة، اكتفينا من

هذه اليمن

 هذه الارض التي تشمخ جبالها


حتى تتكىء عليها النجوم,

والتي تمتد سهولها حتى تتعب اسفار العيون في اجوائها, وهذه الأرض التي تخصب وتخضر حتى تورق الصخور وسطوح البيوت,

والتي تجف حتى تعتصر الريح لعابها,

وتحتسي الشمس ظلها,

هذه الارض المتقلبة الاجواء, المخضرة ـ المكفهرة, الشامخة الممتدة,

توحي الشعر ودواعيه بتقلباتها,

اذ لاقت الحس الشاعري الاصيل لان منبع الشاعرية منتزع من تقلب النفوس وتغيرات الاطوار والاحوال من حولها, والانسان ابن بيئته,

والنبع السائل من لون اناء ارضه,

هذه الارض التي تسمى (اليمن) ليمنها, او خصبها,

او لموقعها على يمين الكعبة,

او على اسم احدى مملكاتها القديمة (يمنات) هذه اليمن اتهمت بالشعر حتى كأن كل ما فيها شعر وشاعر,

واتهمت بانعدام الشاعرية حتى كان ليس فيها قلب ينبض ولسان يترجم,

وكلا التهمتين جائرة,

فليس كل اليمن شعرا وشعراء,

ولا هي كلها صمت وخمود,

ففي كل مسافة من مسافات التاريخ جاشت فيها قلوب ورؤوس, ورن قصيد, ولمعت حروف.



الأديب عبدالله البردوني

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جامع نجد الجماعي التاريخي

لؤلؤة همدان

من أروع وأجمل المنظر في اليمن