مدينة الروضة صنعاء (معلم تاريخي من اليمن)
- الحصول على الرابط
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
مدينة الروضة.. عاصمة الكروم اليمني اللذيذ
مدينة الروضة بصنعاء وهي إحدى منتزهات العاصمة صنعاء، يخرج الناس إليها للترفيه عن النفس، ممتعين أنظارهم بجمال هذه المدينة وبطابعها المعماري، وبطقسها الجميل، ومزارعها الغنَّاء والوافرة، فلا عنب يعلو على عنب الروضة جودةً ومذاقاً جميلا.. وتقع "الروضة" إلى الشـمال من العاصمة صنعاء في الجهة اليـمنى من الطريق الرئيسي إلى مطار الرحبة "مطار صنعاء الدولي"، وقد كانت قبل مطلع (القرن السادس الهجري) عبارة عن قرية صغيرة تسـمى (المنظر) إلى أن جاء السلطان "حاتـم بن عمران بن المفضل اليامي الهمداني" (533- 556هجرية) الذي اختط الروضة؛ ولذلك نسبت إليه (روضة حاتـم)، وفيها إلى الآن درب يسـمى درب السلاطين نسبـة إلى سلاطين "آل حاتـم اليامي"، وهذا الدرب "ربع الروضة"، والربع الثاني "بنو ليث"، والربع الثالث "بير زيد"، والربع الرابع "ربع بن حسن"..
السلطان "حاتـم اليامي" كان من الباطنية الإسـماعيلية، وكان له في اليـمن شأن كبير، كانت زعامته في قبائل همدان، وزحف (بسبعمائة فارس) منهم على صنعاء سنة (533هجرية) فاحتلها واستقر بها إلى أن دخلها الإمام "أحمد بن سليـمان" سنة (545هجرية) – بعد أحداث ومعارك – فخرج "حاتـم" إلى روضته ثم انتقل إلى حصن ظفار، وأغار على صنعاء سنة (550هجرية)، فرده الإمام "أحمد بن سليـمان"، ومات بعد ذلك في درب صنعاء، وقد كان فارساً وشاعراً كما جاء عند "الخزرجي".
اشتهرت الروضة في الربع الأول من (القرن الثالث عشر الهجري) بحركة سـميت "بحركة الروضة"، وهي ثورة ضد الإمام "المنصور" ((1189 – 1224هجرية) - (1775 – 1809ميلادية))، وبدأت أحداث الثورة حيث سكن بعض من "آل الكبسي" في الروضة، وهم السادة من "آل الكبسي" الذين ينتسبون إلى هجرة الكبسي الواقعة في خولان على بعد نحو (35كيلومتراً) جنوب شرق العاصمة صنعاء، ويعود نسبهم إلى الإمام "حمزة بن أبى هاشـم الحسني" الذي قتل في أرحب سنة (458هجرية -1066ميلادية)، ومنذ مقتله لم يحاول أحد من فروع أسرة الإمام "حمزة" أن يدعو لنفسه بالإمامة، بالرغم من أنه قد وجد من بينهم بعض العلماء ممن أحرزوا من العلم الصفات المرشحة لسدة الإمامة، وقد كان سكن "آل الكبسي" في الروضة ربـما في بداية حكم الإمام "المنصـور"، وقد خالفوا فروع أسرة الإمام "حـمـزة" ورشحوا العالم السيد "حسين بن عبدالله الكبسي" الذي كان يـمثل حينه قاضي الروضة وإمام جامعها، وقــد كان ترشيحــه لمنصب الإمامة في شهر شوال من عام ((1222هجرية) – نوفمبر (1807ميلادية)).
وبعدها أعلنت الثورة ضد الإمام "المنصور"، وقـد أيد "آل الكبسي" بعض البيوتات الهاشـمية كآل "أبي طالب" وآخرين، كما تـمكنوا من جذب "أحمد بن عبدالله بن المهدي عباس" – بن أخي "المنصور" – إلى صفهم، ويبدو أن "أحمد" نفسه كان طموحاً لمنصب الإمامة وعلى خلاف مع عمه الإمام "المنصور" في نفس الوقت، وقد آزر أهل الروضة في حركتهم الثورية ضد عمه سواء رغبة أو رهبة، كما وصلت بعض قبائل "آل الكبسي" من خولان ومعهم آخرون، وبعد إعلان الثورة التي وصفت بأنها حركة، كانت لها خطرها على الإمام "المنصور" بسبب قرب الروضة من العاصمة صنعاء من جانب ولسوء أحوال الإمام "المنصور" ومن جانب آخر فقد هوجمت داره في الروضة – دار البشائر، كما نهبت كذلك بيوت أهل صنعاء المغلقة التي يغادرها أصحابها من الأغنياء في موسـم الأعناب، وطرد عامل الإمام "المنصور"، كما أرسلت رسائل الدعوة إلى مختلف المناطق خاصة إلى القاضي "عبدالله العنسي" صاحب برط معلنين بأن ما قاموا به هو واجب – للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – وعلى إثرها قام الإمام "المنصور" بإرسال القاضي "أحمد بن محمد الحرازي" إلى الروضة حاملاً منه رسائل كتبها كبير قضاته الإمام "الشوكاني" تتضمن الموافقة على كل ما طلبوه من العدل والأمان لهم فما رجعوا بل صمموا على ما عزموا عليه، وبصعوبة تـمكن رسول الإمام "المنصور" – الحرازي – من الهروب من الروضة ناجياً بحياته، وقد حاول الأمير "أحمد بن المنصور" أن يقنع "آل الكبسي" بالتراجع عن موقفهم وأرسل – سكرتيره الخاص – "حسن بن علي بن عبد الواسع" بـمهمة مشابهة لمهمة "الحرازي" إلا أنها – أيضاً – لم يكتب لها النجاح.
وقد تـمكن الأمير "أحمد" بعد ذلك من استدعاء القبائل القريبة من العاصمة صنعاء، وهي بنو الحارث، وبلاد البستان – بني مطر – وبنو حشيش، وهي القبائل الأكثر ولاء للعاصمة، ولما تجمع له العدد المطلوب بالإضافة إلى بعض جنده غادر صنعاء في الأسبوع الأخير من ذي القعدة سنة ((1222هجرية) – ديسـمبر (1807ميلادية)) وعسكر في قرية الجراف في منتصف الطريق تقريباً بين صنعاء والروضة، وكان قد مضى شهر على حركة "آل الكبسي"، وقد سيطر الأمير على الطرقات، وقطعت الإمدادات الغذائية عـن الروضة، وكذلك مصادر المياه – حيث كانت من أهمها غيل "المهدي" وغيل "صطفى"، وقد كانا يجريان تحت الأرض على عمق (مترين أو ثلاثة) – حتى استسلم "آل الكبسي" ومؤيدوهم يوم الخميس 27 ذي القعدة سنة (1222هجرية) بعد مناوشات قليلة، ودخل الأمير "أحمد" الروضة صباح اليوم التالي، وفي يوم السبت الأول من ذي الحجة سنة (1222هجرية) اصطحب الأمير "أحمد" أسراه من "آل الكبسي" وابن عمه "أحمد بن عبدالله بن المهدي" وغيرهم من المشاركين في الحركة، ودخل بهم إلى العاصمة صنعاء ظافراً منتصراً حيث أحضرهم إلى الإمام "المنصور" الذي كان قد قرر إعدامهم إلا أن وساطة الإمام "الشوكاني" حالت دون ذلـك، وتقرر حبسهم فقط، وهكذا شهدت الروضة أحداثاً عاصفة خلال الفترات اللاحقة.
أراضي الروضة خصبة جداً يزرع فيها التين والشعير والحنطة إضافة إلى بساتينها الغناء المليئة بأعراش الأعناب ذات الصنف الممتاز المشهورة (بالعنب الروضي) فقد كان أثرياء صنعاء يـمتلكون فيها بساتين، وبها منازل لهم يستخدمونها في موسـم الأعناب حيث تكثر فيها زراعته إلى جانب الزيتون والمشـمش والرمان والليـمون وغيرها من الفواكه والخضار، وقد شهدت مدينة الروضة تطورات عمرانية خلال عصورها الإسلامية واكبتها عناصر فنية وهندسية وكتابات ذات طابع محلي تدل على قدرة الفنان اليـمني ومهارته في تنفيذه تلك المعالم التي تشهد على ذلك، وقد اختلف الأدباء في المفاضلة بين الروضة وعنبها وبين غيرها من مصايف صنعاء أو غير صنعاء، مع الاتفاق على أن عنب الروضة أفضل من الأعناب في المناطق الأخرى، ومما قيل في مدح الروضة ما قاله أحمد بن يوسف، وقد أحسن وصفها، وهي قصيدة طويله نورد منها:
إنـمـا الروضة في أيامها
روضة تستوقف الطرف أنيقه
جنة ذات قطوف قد دنت
جُنها أوراق أعناب وريقه
رازقي وبياض ألبسا
من خدود البيض أبشاراً رقيقه
وعيون كعيون العين قد
حدّقت منسوبها كل حديقة
ولها جوٌ رقيق لم يزل
كل من حلّ بها يسقي رحيقه
كم جنان حول صنعاء قد غدت
عندها مثل مجاز وحقيقه
وتشتهر الروضة بوجود شذروان أمام مجالس المقيل فيها، ومما قيل في الشَّاذَرْوان، ما قاله أحد الشعراء:
يا حُسنَ شَاذَرْوانِ ماءٍ لم يزل
يهدي جواهرَهُ إلى الأضيافِ
ما أمَّه الجلساءُ يومَ سرورهم
إلاّ تلقّاهم بقلبٍ صَافٍ
وقال غيره:
غصَّت مجاريها فأظهر فرعُها
ما في حشاه من خفيٍّ مُضْمَر
وكأنَّ جَرْي الماء في عَرصَاتها
والعينُ تنظرُ منه أحين منظر
قُضُبٌ من البلور أثـمر فرعُها
لمّا انتهى باللؤلؤ المتحدِّرِ
وللسيد محسن بن أحمد بن عبدالقادر بن الناصر:
وشاذَرْوانِ روضٍ قد نزلنا
لهُ صوتُ الخريرِ وقدْ حَلاَلي
تصعَّد كالقضيبِ الماسِ لوناً
وماسَ وقد تحدَّر باللآلي
ومن تلك المعالم المساجد التي تصل إلى أكثر مـن (عشرين مسجداً) إلى جانب قـبـور العلماء الإجلاء ومن أهم معالم الروضة جامعها الكبير.
- الحصول على الرابط
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق